قراءات سياسية فكرية استراتيجية

بصمات معروفة…

ويستمر بطريرك الكنيسة الارثوذكسية المسكونية برثلماوس بالسير على نهج محبيه في الادارة الاميركية وهو العاشق للتقسيم والاستعلاء والسعي للسيطرة ولو بالقوة والعنف على اخوانه في الكنائس الارثوذكسية الاخرى، مخالفا مسيرة وتاريخ اسلافه ممن سبقوه. في كل يوم او اسبوع له قصة جديدة في خلق البدع والهرتقات وفي التدخل مع الكنائس الاخرى.
ففي تطوّر دراماتيكي جديد يُلقي بظلال ثقيلة على العلاقات بين البطريركية المسكونية للروم الارثوذكس وبطريركية القدس للروم الارثوذكس، قام بطريرك القسطنطينية برثلماوس بدعم عودة اسقف معزول كان على رأس اقدم الاديرة في العالم وهو دير كاترين في سيناء، الى هذا الدير، متسلحا بأكثر من 10 رجال مقنعين حيث قاموا وبطريقة مافياوية بخلع ابواب قليات (صومعات) رهبان الدير ورميهم خارج الدير بالعراء مع اهانتهم وضربهم. هذه العملية اثارت استياءً كبيراً لدى البطريركيات المحلية الاخرى، ولا سيما لدى بطريركية القدس للروم الارثوذكس، التي اعلنت عن دعمها الكامل للرهبان المضطهدين، معترفة بحقوق آباء الدير كما هي مصونة في قوانينه الأساسية وتراثه الرهباني العريق الممتد عبر قرون طويلة، ووجّهت رسالة حازمة إلى البطريركية المسكونية: “لا تتدخلوا في شؤون دير القديسة كاترين”!!!
البطريرك برثلماوس متسلحا بقوة مرشديه من وراء المحيط، يسعى منذ زمن للسيطرة على البطريركيات الارثوذكسية الاخرى واعلان نفسه بابا مطلق الصلاحيات عليها لفرض سلطة الامر الواقع، كما وكأنه يريد تطبيق نهج القادة الجدد للسياسات الاميركية على الكنائس، في تجاوز واضح وصريح لقرارات المجامع المسكونية ومن دون احترام للكتاب المقدس وتفسيرات آباء الكنيسة (يبدو انه اتخذ له مثالا اعلى في آباء اخرين) كما ولتقاليد الكنيسة والتسلسل الرسولي والاسرار المقدسة والشرائع المتعارف عليها منذ أكثر من الفي سنة. ويتجاهل البطريرك المسكوني كل المناشدات والمطالب الموجهة اليه من كل المراجع الكنسية العاقلة والدعوات للتحلي بالهدوء واللجوء الى التوافق عبر لقاء كل رؤساء الكنائس الارثوذكسية كما العادة من اجل الاتفاق على الكثير من القضايا العالقة التي اربكت وتربك العالم الارثوذكسي.
ولعل تدخله الاشد وطأة كان مع الكنيسة الارثوذكسية الاوكرانية بعد الاستونية والمقدونية واللاتفية وغيرها الكثير ما ادى الى نزاعات وانقسامات لا تنتهي. ولكن عمله الدؤوب الاقوى كان بالتعاون والتكافل اللصيق مع الادارة الاميركية من ضمن فريق كرس نشاطه لتقسيم الكنيسة الاوكرانية بقيادة مدير السي آي ايه السابق ووزير الخارجية الاسبق مايك بومبيو وما نتج عنه من استيلاد كنيسة من رحم مجموعات عصابات واستعمالها لمحاربة المؤمنين البسطاء من اتباع الكنيسة الارثوذكسية الاوكرانية، وحتى تغطيته لاعمال قمع قامت بها السلطات الانقلابية في كييف ضد رجال الدين هناك والمؤمنين، اذ القت بهم في السجون وقامت بقتل بعضهم والاعتداء على بعضهم الاخر، بما في ذلك اساقفة كبار معروفين، الا ان ذروة هذه الاعمال العنفية المدانة والمستمرة كانت بالاستيلاء على مجمع اللافرا بعد الاستيلاء بالعنف والاكراه على عدد كبير من الكنائس والاديرة والتي اصبحت فارغة الا من احساس الالم والمعاناة. كما وقمة هذه الممارسات التي امّن لها برثلماوس الحماية، كانت بسحب الجنسية الاوكرانية عن عدد من رؤساء الاساقفة في سابقة غير معروفة، ولا سيما سحب الجنسية الاوكرانية عن رئيس اساقفة الكنيسة الاوكرانية اونوفري الذي ينتظر قرار المحاكم الاوكرانية المتحاملة بطرده من البلاد وهو المواطن الاوكراني ابا عن جد.
تصرفات هذا البطريرك المستغربة والمثيرة للجدل والتي لا تمت الى الحياة الكنسية بشيء، بل انها على العكس تساهم في ضرب الوحدة بين الكنائس وتقسيم هذا العالم لغاية في نفس يعقوب. هذه التصرفات اصبحت محل تساؤل كبير، وخاصة ان شخصية مهمة كالبطريرك برثلماوس عملها الاساسي ومهمتها الحقيقية، هي الدعوة الى التلاقي والحوار ونبذ الاحقاد والدعوة الى السلام والمحبة ومساعدة الكنائس الاخرى والمؤمنين، فاذ بنا نرى افعالا معاكسة تماما لهذه المهمات ولهذا المركز الكبير والمحترم.
ويبقى الامل بمساعدة هؤلاء واولئك من المؤمنين الابرياء ضحايا طموحات البطريرك برثلماوس الجامحة، عسى ان يخرج الصامتون عن صمتهم، فبسكوتنا عن الظلم وارساء مبادىء الحق والعدل، انما نساعد الشيطان على تحقيق مخططاته، اذ ان “الساكت عن الحق شيطان اخرس!!!

الكاتب: د. اسكندر كفوري

اقرأ المزيد
آخر الأخبار