قراءات سياسية فكرية استراتيجية

 

اخر الاخبار

عسكرة اوروبا

جنون محموم يجتاح قادة اوروبا الحاليين الذين يسعون بكل ما امتلكت ايديهم لاشعال الحروب بدل اطفائها. فبالرغم من حالات التضخم الكبيرة التي تسود دول القارة العجوز نتيجة تغذية وكلائها غير الامينين عليها للالة الحربية في اوكرانيا ومشاركتهم بكل قوة في الاعمال العسكرية هناك، فقد ارتفع بشكل ملحوظ الإنفاق العسكري والاستثمار في قطاع الحرب في أوروبا، كما والاستثمار في المشاريع الصناعية العسكرية وشهدت واردات الأسلحة الى اوكرانيا زيادة ملحوظة، اضافة الى انشاء معامل حربية خاصة لتزويد النظام النازي في اوكرانيا بالاسلحة والذخائر، ويتسابق هؤلاء القادة وبمباركة من الادارة الاميركية وقيادة الاتحاد الاوروبي الى التخطيط لرفع الموازنات العسكرية، في الوقت الذي تواجه فيه اوروبا تضخما هائلا وترهلا اقتصاديا واجتماعيا ينذر بكارثة كبيرة تهدد القارة العجوز. فبين عامي 2020-2024 وحدهما زادت واردات الأسلحة الى اوروبا بنسبة 155% مقارنة بالسنوات الخمس السابقة، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI). وزاد الاعتماد الاوروبي على الشركات الاميركية في تأمين الاسلحة بنسبة وصلت الى 64% من المعدات المستوردة.
وتخرج الاصوات المتطرفة والمغامرة مطلقة تصاريح وتحديات يُشتم منها نذير نزق وتحريض رخيص للدفع باتجاه اشعال حرب عالمية ثالثة من مثال ما صرح به وزير الدفاع البلجيكي ثيو فرانكين الذي هدد بتدمير موسكو ومسحها من الوجود!
ويعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن الرغبة بارسال 2000 جندي وضابط تحت العلم الفرنسي الى اوكرانيا لمقاتلة الروس في الوقت الذي تعد فيه فرنسا بتزويد النظام غير الشرعي في كييف بـ20 طائرة رافال 2000 وصل منها حتى شهر تشرين الاول الماضي 6 طائرات، كما وتعلن السويد جهارا عن تأسيس مصنع خاص يخطط لانتاج اكثر من 150 طائرة حربية سترسل الى اوكرانيا، ناهيك عن النشاطات المحمومة التي تقوم بها بريطانيا من خلال قيادة كل العمليات العسكرية العلنية والسرية على كامل شواطىء البحر الاسود الاوكرانية في تهديد سافر للمواطنين الامنيين في شبه جزيرة القرم بشكل خاص وفي عموم روسيا بشكل عام. وتنصرف بولندا ودول البلطيق الثلاث لاتفيا، ليتوانيا واستونيا بالاشتراك مع فنلندا الى تسعير حمى النزاع بتوجيه اميركي انغلو ساكسوني مريب، فتقطع الحدود مع بيلاروسيا حارمة شعبي البلدين الجارين والذين تربطهم علاقات القرابة والمودة، من التواصل السلمي، وتعلن نيتها قطع صلة روسيا والاراضي الام الوحيدة مع جيب كالينغراد الروسي وذلك بالرغم من وجود اتفاقية موقعة بعد تحلل الاتحاد السوفياتي، تفرض على ليتوانيا الابقاء على ممر سوالكي الذي يصل الاراضي الغربية الروسية بكالينينغراد، مفتوحا امام قطارات سكك الحديد الروسية من اجل ايصال المؤن والغذاء والنفط وغيرها الى سكان قطاع كالينينغراد.
فاوروبا التي تنفق حوالي 338 مليار دولار على موازاناتها الدفاعية والتي تملك 2 مليون جندي تقريبا تبدو حاليا وكأنها تلف نفسها بحبل المشنقة ارضاء لواشنطن المستفيد الوحيد من هذه العسكرة الفارغة وهي عن عمد تدخل نفسها في مأزق سياسي اقتصادي معيشي عسكري محكم.
قادة اوروبا الحاليون وبعد ان تورطوا في دعم هذا النظام النازي في اوكرانيا وجدوا انفسهم يغرقون شيئا فشيئا في وحول التحدي الفارغ لروسيا زارعين امالا واوهاما في مخيلتهم عن قدرتهم في استنزافها واركاعها، فاذ بهم يستنزفون بلدانهم بدل روسيا ويرهقون شعوبهم ويغرقونهم في برد الشتاء القارص وعتمته ويصيبون اقتصاداتهم بدل اصابة روسيا وتتبخر وتتلاشى احلامهم بالسيطرة على ثروات روسيا الضخمة وكنوزها، والاخطر انهم بمواصلتهم لهذا النهج المدمر يستجلبون الدمار لذواتهم ولعل هؤلاء لو يعودون بالذاكرة الى الوراء قليلا او يسألون ابائهم واجدادهم عن روسيا التاريخ والحضارة عن روسيا الجيوش السوفياتية التي دقت اعناق النازية في جحورها، لو يسألونهم عمن حرر اوروبا والعالم من ربقها. وقبلها كيف حرررت روسيا اوروبا الشرقية من النير العثماني وقبلها كيف انتحر نابوليون عند اقدام موسكو وما قبل قبل ذلك بكثير كيف اذل الروس قطعان المغول والتتار، ولعل حكام اوروبا الحاليين عن جهالة او نزق لا يدركون او يتجاهلون عن غباء مفرط ان قدر روسيا الدائم هو الدفاع عن شعوب العالم امام تحديات المغامرين الصغار من امثالهم، وان فرص انتصار الاوغاد مع روسيا تعادل الصفر…

الكاتب: د. اسكندر كفوري

اقرأ المزيد
آخر الأخبار