كانت القوى الوطنية في السبعينيات تتشكل من يساريين وقوميين وشخصيات لها حيثية معينة في لقاء الاحزاب او الحركة الوطنية اللبنانية وكان عندها موقف جامع او برنامج موحد للنضال الوطني . تواجه به النظام الطائفي وقوى غلاة اليمين .في الثمانينيات ساد بين القوى الوطنية حالة من التفكك بسبب الاحتلال الاسرائيلي فانكفأ بعضها وانصرف بعضها الاخر الى مقاومة الاحتلال حيث لعبت جمول الدور الحاسم في تحرير بيروت والجبل والجنوب حتى الشريط الحدودي اي جنوب الليطاني وكان ذلك الانجاز ااوطني الكبير الانتصار الاول على اسرائيل
..اواخر الثمانينيات اخذ دور جمول بالتراجع ..بينما تعاظم دور المقاومة الاسلامية ضد الاحتلال ربما يعود ذلك الى بدايات تفكك الاتحاد السوفياتي وتمدد النفوذ الايراني في المنطقة في محاولة لسد الفراغ الناشيء عن تخلي النظام العربي الرسمي عن قضايا العرب المركزية وفي مقدمتها فلسطين والوقوف في وجه الهيمنة الاميركية والصهيونية . في الخامس والعشرين من كانون الاول ١٩٩١ انهار الاتحاد السوفياتي وانهارت معه الاحزاب الشيوعية والعمالية التي كانت تدور في فلكه بنسب مختلفة وسقط معه عند الكثيرين الحلم الثوري الكبير الاشتراكية وما تمثله من عدالة في المجتمع … .الحزب الشيوعي اللبناني لم يعد قادرا على التماسك الداخلي والمقاومة وانطفأت شعلة جمول وأصيبت قيادة الحزب بالاحباط الشديد وبما لامس الهزيمة .فانقطع دابر المساعدت عن الحزب من روسيا والمنظومة الاشتراكية وليبيا والعراق ولم يعد هناك اية مقومات للمقاومة الفاعلة ضد اسرائيل وقد انسحب هذا الاحباط على بقية الاحزاب التي كانت منخرطة في المقاومة ( جمول) ..بعد سقوط الاتحاد السوفياتي حضرت اجتماع اللجنة المركزية وكانت حالة الضياع الفكري واليأس والشك في الاشتراكية والاتهامات المتبادلة بين اعضاء القيادة وعدم القدرة على تحديد وجهة الحزب في المستقبل وجرت دعوات الى تغيير اسم ااحزب والعودة الى الاسم الاول للحزب اي حزب الشعب وقد كنت من انصار هذا الرأي فعاتبني بقوة الرفيق يوسف خطار الحلو .والبعض لجأ الى القول” بلاهوت التحرير ” بديلا للماركسية اللينينية “. ووو .. نعم أنا قلت بتغيير اسم ااحزب الى حزب الشعب ..لكن ثقتي بالماركسية فكرا والاشتراكية لم تتزعزع .فسقوط الاتحاد السوفياتي هو سقوط احد نماءج التطبيق الاشتراكي وليس الاشتراكية …وانا لا ارتاح الى كلمة الشبوعية فماركس نفسه وصديقه انغلز كانا يفضلان اسم الحزب الاشتراكي مكان الحزب الشيوعي ولكنهما وجدا ان معظم الاحزاب المسماة اشتراكية هي اقرب الى اليمين البورجوازي
…اوائل التسعينيات وصل رفيق الحريري الى رئاسة الحكومة بعد انقلاب مالي على الرئيس عمر كرامي وبدعم سعودي وعربي ودولي وسط اوهام السلام القادم مع اسرائيل وانفتاح دول هذا الشرق على بعضها …كانت اوهام في رؤوس اصحابها .. وصل الحريري وأمامه مهمتان اساسيتان الاولى : القضاء على المقاومة . والثانية : الامساك بورقة الاقتصاد ..وحول المهمة الاولى اي مهتم يمكنه ان يسأل الرئيس أميل لحود ، طال عمره ماذا طلب منه الحريري يوم كان قائدا للجيش …قال لنا الرئيس لحود نحن وفد الحركة الوطنية للتغيير الديمقراطي خلاةل زبارتبن .ان اارئيس الحريري قال له والحديث هنا ليس بالامانات : يا أميل اريد منك ان تقضي على اامقاومة ، ان تحرقها باللانس فلام ( قاذفة اللهب ،) فرد قائد الجيش يا دولة الرئيس هؤلاء يدافعون عن ارضهم وقراهم ضد الاعتداءات الاسرائيلية …قال الحريري .بدي منك تقضي على المقاومة …كما قلت لك … قال لحود يا دولة الرئيس اذا كنت مصرا فهذه هي استقالتي …. في ١٩٩٦ شنت اسرائيل عملية عناقيد الغضب فاظهرت المقاومة قوتها في مواجهة اسرائيل فوجد الحريري نفسه بين خيارين اما مع المقاومة واما مع اسرائيل على ما ذلك من خيانة وطنية ففضل الانحياز الى المقاومة وكان اتفاق نيسان الذي شرعن المقاومة.. ومنذ ذلك الحين تعززت العلاقة بين الرئيس الحريري والسبد.حسن نصرالله . اعتقد ان موقف الحريري كان السبب في اغتياله من قبل اسرائيل لا من قبل سليم عياش في الرابع عشر من شباط ال٢٠٠٥….وفي سنة ال٢٠٠٠.حررت المقاومة الاسلامية كامل الشريط الحدودي .وفي تموز سنة ال٢٠٠٦ هزمت المقاومة الاسلامية اسرائيل واعترفت بذلك لجنة فينوغراد الاسرائيلية حينها وحتى حرب الاسناد لم يسلط الضوء على مذهبية المقاومة ولا على تطييفها كما هو حاصل الان لاغراض شتى .
…القوى الوطنية بعد وصول الحريري الى رئاسة الحكومة وتعاظم نفوذه بالمال والعمق السعودي والعربي والفرنسي .لم يجمعها جامع فقسم لا بأس به من حيث العدد لا سيما على مستوى الكوادر من منظمة العمل والحزب الشيوعي انخرط في الحريرية وصار جزءا من حركتها .وانشقت عن الحزب الشيوعي مجموعة اليسار الديمقراطي التي التحقت بتكتل ١٤ أذار .١٤… وغادر عدد كبير من الشيوعيين الحزب.لاسباب مختلفة .. ،وشهدت الأحزاب الأخرى حالات تسرب عضوي و ضمور وتقوقع وام تسلم القوى الوطنية من هذه الحالة من الضعف والتشتت والبوصلة المتأرجحة ذات اليمين وذات اليسار. وتفديم التناقصات الثانوية على التناقض الرئيسي مع الامبريالية والصهيونية والكثير من الخروقات السياسية والمالية وان بنسب مختلفة .وقليل بينها من بقي محتفظا بحصانة المبدا وصواب البوصلة …ويلاحظ في هذا السياق ان القوى الوطنبة استمرت في حالة انعدام الوزن والتفكك والتباعد والتنابذ والانانيات الفئوية على قاعدة انا او لا احد ، فلا برنامج موحد بجمع ولا تحالفات واضحة المعالم تقوم ولا موقف فاعل لاسناد غزة في مقاومتها حرب الابادة بعد السابع من اوكتوبر……المقاومة الاسلامية من موقعها حددت موقفها بحرب الاسناد التي كان لها تأثير كبير على اسرائيل لا سيما في الجبهة الشمالية ووسط كيان المحتل وذلك لاسباب دينية وقومية واخلاقية وانسانية ..ان حرب الاسناد لم تلق اجماعا شعبيا ولا من القوى السياسية … في السابع عشر من ايلول فجرت اسرائيل أجهزة البايجر في اربعة الاف شخصلتقتاهم في دقيقة واحدة .وفي ١٧ايلول اغتالت اسرائيل بالسلاح الاميركي والتواطؤ الاميركي السيد حسن نصرالله وبعد عدة ايام شنت اسرائيل حربا واسعة على لبنان وخصوصا على حزب الله وبيئته الحاضنة …ودفعت بسبعين الف جندي وضابط الى الحدود.مع لبنان وبقيت اكثر من شهربن عند الحدود .بفضل قوة وصمود وتضحبات رجال اامقاومة الاسلامية حتى قرار وقف اطلاق النار في ٣٧ تسرين الثاني ٢٠٢٥. .حتى ذلك التاريخ كان بعض المأخذ تتمحور حول قرار الحرب والسلم وان المقاومة خرقت هذا القرار وهو من حقوق وواجبات الدولة …اسرائيل لم تلتزم تنفيذ هذا القرار …
. طبعا ، جمول قدمت نموذجا رائعا للمقاومة الوطنية ..ولكن هذا النموذج لم يلق دعم أكثرية القوى السياسية او الاجماع الشعبي كما يطالب به البعض … المقاومة طليعة متقدمة لا يطبق عليها تمثيل الطوائف والمذاهب والمناطق تقوم ردا على الغزو والاحتلال .ولا تنتظر التمثيل والاجماع .. وان المطالبين بالاكثرية الشعبية والتمقيل او الاجماع حول المقاومة يركضون وراء سراب او يعبرون عن عجزهم او عدم رغبتهم في المقاومة لاسباب تعود لهم ذاتيا وماديا وموقفا سياسيا لا يكفي ان نمتدح جمول ليكون عندنا مقاومة وطنية فاعلة ..المقاومة تنبت موضوعيا من وافع يتطلبها جمول لن تعود الا اذا عادت الاحزاب التي شكلتها الى واقع الصدارة في المشهد المقاوم .وهذا لا مقومات واضحة لحصوله في الافق المنظور … حينما تهاجم اسرائيل لبنان تحت اية ذريعة او حجة وتتصدى لها المفاومة الاسلامية فأنها تقوم بمهمة وطنية .والمقاومة الاسلامية وهي تقاوم محاولات قيام اسرائيل الكبرى او الشرق الاوسط الجديد على جبهة لبنان ، فانها تقوم باهم واجبات القوى ااوطنية واليسارية ومن الخطأ الكبير وضياع البوصلة في قلب السياسة ، ان يرفع في وجهها استغلالا لضربات مؤلمة من العدو ، او لأخطاء جرة ارتكابها ، اي تناقض ثانوي بديلا للتناقض مع الامبريالية والصهيونية . ففي ذلك خطأ كبير وانحراف خطير .وشر مستطير ولو كثرت اسباب الشكوى .يجب ان يبقى هناك هامش للحوار والساحة يجب ان تتسع لجميع الوطنيبن مهما اختلفت منطلقاتهم الفكرية او راياتهم الحزبية .. بعد وقف اطلاق النار وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة
وقع لبنان تحت الوصاية الاميركية وااتهدبدات الاسرائيلية والضغوط الغربية والعربية …وكان .هم هذا اامحور زما يزال ، بعد اغتيال السيد نصرالله وسقوط النظام السوري ،والحرب الاميركية الاسرائيلية على ايران ،هو القضاء على سلاح المقاومة الذي اثبت فعاليته في ضرب العمق الاسرائيلي ،وذلك تحت مسميات نزع السلاح او حصر السلاح .او حصرية السلاح ببد الدولة .وجرى اشتراط وصول اية مساعدات الى لبنان لاعادة ما هدمته اسرائيل او للتعافي الاقتصادي بحصرية السلاح بيد الدولة مع العلم انه ممنوع على الجيش ان بتسلح بسلاح يزعج اسرائيل وممنوع عليه ان يبقى سلاح اامقاومة .بحوزته وذلك بأمر أميركي وطاعة لبنانية رسمية .في حال تم التوصل الى تسليم السلاح وهو امر مستبعد في ظروف لبنان . .وفود. قادمة وفود خارجة اميركية وفرنسية وعربية يتكلمون لغة واحدة هي حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية كرمى امن اسرائبل وهم جمبعا عدا الايراني .يربطون المساعدات من اي نوع بنزع السلاح او حصربته فان ام يحصل ذلك فاسرائيل ستفرض ذلك بالقوة كما يهددون لبنان والمقاومة .. حتى وصل الامر ببعض المحللين الى ضرورة استئصال الفكر الشيعي بوصفه فكرا خطيرا وهذا لا بتم الا بابادة الطائفة الشيعية … .امام هذا الواقع واصرار حزب الله على حل موضوع السلاح ضمن خطة استراتيجية الدفاع الوطني او الامن الوطني ،كثرت الاصوات التي تنتقد المقاومة وتسلط الاضواء على سلبياتها وأخطأئها بين اللبنانين وبعض من كانوا ذوي قربى نضالية وصولا الىالقول بفشلها، وخصوصا بعد استشهاد السيد نصرالله واصفة اياها بالمقاومة المذهبية .ومركزة على تطييفها….وعدم .تمتعها بالشرعية الشعبية وظنا منهم ان اامقاومة في حالة تراجع وضعف فتجرأوا على الانضمام الى صفوف المغالين في الانتقاد ،ولو في غياب اي بديل فعلي مقاوم او جيش وطني قادر على مواجهة اسرائيل …الامر الذي لم يحصل على مدى ثلاثة عقود سابقة .هذه المواقف المختلفة الدوافع والتطلعات ليس لاصحابها اية بدائل لمقاومة اسرائيل ..وهكذا تصبح مواقفهم ، ادركوا ذلك ام لا ، منسجمة مع مواقف غلاة اليمين والمسبحين باسم الحضن العربي الاميركي . ففي الدوافع بجب التفتيش عن الجهات الممولة . وفي التطلعات يجب رؤية من يستفيد انتخابيا او نحو طموحات اخرى يسبقها تقديم اوراق الاعتماد …والتمايز عن المقاومة يدر الربح على أكثر من صعيد ثمة اساليب أخرى غير المنابر والشعبوية للتعبير عن المأخذ والاشارة الى الاخطاء .والتجاوزات
…بناء على ما تقدم وهو قليل من كثير، نقول ان القوى الوطنية ليست بخير الا اذا كان كل قوم بما لديهم فرحين . ان حالة التشرذم والانانيات الفئوية ، ليست منفردة او مجتمعة من الحالة الصحية السليمة.فوضع لبنان قادم لا محالة .نحو حرب كبيرة تدور حول السلاح ليستهدف الوطن باكمله.فهو جزء لا يتجزأ من خريطة اسرائيل الكبرى ..كما عرضها نتنياهو في الامم المتحدة لا في ان ثمة خللا ورجحانا في ميزان القوى بعد اغتيال السيد نصرالله وسقوط سوربا في قبضة المتشددين من الاسلاميين . اسرائيل بالطيران قادرة ان تضرب جميع الدول التي حددتها جزءا من اسرائيل الكبرى ولكن ينقصها العديد البشري للسيطرة على الارض والشعوب العربية لن تبقى مكتوفة الايدي امام الغزاة الصهاينة.فستتشكل مقاومات جديدة الى جانب المقاومات القائمة ومصائر الشعوب لا يحددها دائما الرسم على الورق ….نعم لا بعول كثيرا على الانظمة العربية الوظيفية التابعة ومؤتمر القمة في الدوحة خير دليل وابلغ برهان …….. ان خلق حالة من التنافر والتعارض الى حد التناقض بين القوى الوطنية الدديمقراطية والمقاومة الاسلا مية لا يصب في المصلحة الوطنية يجب العمل على اعلى درجات التنسيق بين المقاومة الاسامية والقوى الوطنية فمواجهة اسرائيل تتسع لجميع من يرغب في اادفاع عن الوطن .وكل قتال ضد اسرائيل التوسعية العنصرية المحتلة ومن اية جهة او حزب اوقوة كان هو في صميم ااموقف الوطني …وفد قيادي من حزب الله قام بزبارة قيادة الحزب الشيوعي لما كان للشيوعيين من دور بارز في مقاومة الاحتلال .وصدرت عن الاجتماع مواقف متقاربة يجب البناء عليها وتعميقها . انني ارى من الضرورة تلاقي القوى الوطنية كخطوة اولى وفق ما يلي ١_ ان يقوم أحد احزاب القوى الوطنية بالدعوة الى لقاء يلتقي فيه قادة هذه الاحزاب .لتقدير الموقف بروح نقدية ايجابية مسؤولة ٢ _ صياغة برنامج وطني موحد للنضال الشعبي الوطني ٣ _ اللقاء مع قيادة حزب الله من موقع وطني موحد لتحديد القواسم المشتركة الممكنة .اخذا بعين الاعتبار ان حزب الله ليس حزبا للتغيير الوطني الديمقراطي اللاطائفي .هو حزب للتحربر لا للتغيير ولكن يمكن رؤية جوانب معينة ذات طابع اصلاحي ٤_ شعبنا يحتاج الى برنامج وطني موحد للنضال كي لا يبقى أسير سيادة وطغيان الوعي الطائفي والمذهبي المتعاظم دوره وتأثيره في الساحة اللبنانية من قوى سياسية طائفية واعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي . ٥ _ تلك هي مسؤولية تاريخية ومن يتخلف عن واجب تحملها او يقف على الحياد امام كحرب اسراىيل على لبنان او المقاومة لا يستطيع الاحتفاظ بدوره في قيادة شعبه او بعض منه ان القوى الوطنية ليس لديها ترف الوقت كي تنتظر ان تناسبها الظروف ففي ااظروف الاستثنائية يجب الارتقاء الى مواقف وخطوات استثنائية ..فهل تسمح بذلك الجهات الممولة ذات اليد الطولى في تحديد الكثير من سياسات الاحزاب ؟ . .