مقدمة:
من بين الأمور التي ساهمت في معاناة شعبنا الفلسطيني منذ الاحتلال اليهودي سنة 1948 أمور عدة سبقت هذا الاعلان
أبرزها: اتفاقية سايكس -بيكو، ووعد بلفور وهناك عامل آخر عرف بالكتاب الأبيض White Paper او بالمصطلح العبري “هسيفير هالافان.”
والذي يعتبر بمثابة اعلان واضح وصريح لتقسيم فلسطين والانحياز الكامل لليهود وهنا تكمن الخديعة البريطانية.
فما هو هذا الكتاب؟ وما هي مضامينه؟
الكتاب الأبيض هو وثيقة بريطانية، يتألف من أربعة كتب بيضا ء توالت على مر السنين اثناء الحكم البريطاني على القسم الجنوبي من بلادنا، اما القاسم
المشترك بين تلك الكتب هو تقسيم فلسطين الى دولتين ” فلسطينية ويهودية”
صاحب الفكرة:
ونستن تشرشل (1874 – 1965) وكان يتولى مسؤولية وزير المستعمرات البريطانية وكان ذلك في حزيران سنة 1922
مضامين الكتب الأربعة:
استنادً الى دراسة لمركز الدراسات الفلسطينية فإن الحكومة البريطانية أصدرت خلال حكمها لفلسطين أربعة كتب بيضاء كان اولها كتاب تشرشل
سنة 1922 بحيث سعت فيه الحكومة البريطانية الى إزالة المخاوف الفلسطينية وبالتالي العربية تجاه “وعد بلفور”!! وهنا نلتمس خداع الحكومة البريطانية وتأكيد انحيازها التام والفاضح للجانب اليهودي والذي ترك ولا يزال آثاراً بالغة الأذى على الشعب الفلسطيني
الكتاب الأبيض الثاني:
أصدرت الحكومة البريطانية الكتاب الأبيض الثاني في 19 نوفمبر 1928 للتأكيد على الملكية الفلسطينية لحائط البراق في القدس مع حقوق
يهودية محددة جداً للوصول الى الحائط علما ان الحائط حكما يقع ضمن
عقار المسجد الأقصى والذي يشهد اليوم استباحات مغرضة من قبل اليهود تحضيرا لدخول المسجد وتدميره بالقوة، والجدير ذكره ان الفلسطينين
ولدواعي دينية فقط سمحوا لليهود بالتقرب من الحائط الذي يسمونه
المبكى” لممارسة طقوسهم التوراتية” وهذا خطأ تاريخي من قبل الفلسطينيين.
الكتاب الأبيض الثالث:
في أكتوبر سنة 1930 صدر الكتاب الثالث أثر صدور تقرير لجنة “هوب سمبوسن” (لجنة بريطانية تأسست
سنة 1929 للتطرق الى شؤون الهجرة) والذي كان مؤيداً المصالح الفلسطينية لكنه حمل في طياته وبشكل خبيث التزام الحكومة البريطانية
بمسألة المصالح اليهودية أيضا، غير ان رئيس الوزراء البريطاني
” رامزي ماكدونلد “(1866 – 1973) وتحت ضغط الحركة اليهودية تراجع عنه والغاه، سميّ فيما بعد هذا الكتاب عند الفلسطينين بالكتاب الاسود
الكتاب الأبيض الرابع
في مايو/ أيار سنة 1939 صدر الكتاب الأبيض الرابع والذي أصدرته الحكومة البريطانية أيضا على يد
“مالكولم ماكدونلد” (1901 – 1981) وهو ابن رئيس الوزراء الأسبق “رامزي” والذي كان وقتها وزير المستعمرات البريطانية ومن خلال الكتاب الرابع
هذا ثبت “ماكدونلد” سياسة بريطانية الثابتة تجاه اليهود
وطلب على ان يتناوب على الحكم في فلسطين العرب واليهود معا، كما تناول مسألة “الهجرة اليهودية” على
الا تتعدى ال 75 الف مهاجر يهودي في الخمس السنوات من تاريخه الى ان يصل عدد السكان في فلسطين
من اليهود الى الثلث فقط، بعدها لا يسمح للهجرة الى بموافقة الفلسطينيين !!!
ردة الفعل اليهودية:
تلقف اليهود مضمون الكتاب الرابع هذا بغضب وبسخرية وقد سارعت الوكالة اليهودية في اليوم التالي الى
اصدار بيان تصف به الكتاب بانه استسلام للإرهاب الفلسطيني، اما “بن غوريون” فوصفه بانه وثيقة مشينة
سيئة السمعة ويقول: ” علينا نحن اليهود ان نخوض هذه الحرب كما لو لم يكن هناك كتاب ابيض،
وسنحارب الكتاب الأبيض كما لو لم يكن هناك حرب”
ومنذ ذلك الوقت ونحن بمواجهة هذا العدو المجرم والذي ضرب بعرض الحائط كل الأعراف والقوانيين
والمواثيق والاتفاقيات الثنائية والمحرمات فمنذ “كامب دايفد” مروراً “باتفاقية وادي عربة” وصولا الى
“أوسلو الذل” والمعاصرة “الابراهيمية” ولا زال البعض يقتنع بان إمكانية التوصل الى اتفاق او سلام مع هذا المحتل الغاصب واردة خاصة بوجود الوعود الكاذبة والخادعة الأميركية او الاوروبية (حسين وفيصل) نموذج
خلاصة:
لا الكتاب الأبيض، ولا الكتاب الأسود، ولا الكتاب الرمادي يمكن ان يغير شيئا في حقيقة تاريخ وجغرافية
بلادنا فقط القوة، لان القوة هي القول الفصل في اثبات الحق القومي اما العنصر الثاني والمهم جداً هو الوحدة
الاجتماعية تجاه الخطر اليهودي وادراكه فبدون الوحدة الاجتماعية نبقى قطعانٌ بشرية لا قيمة لها كما
ويسهل قضمها وقضم حقوقها
فالحق لا يمكن ان يتجسد الا عندما يكون هناك من يدافع عنه ويؤكده بالقوة، بغياب تنفيذ وتطبيق القوانين الدولية ذلك لضمان عدم انتهتك حقوقنا.
الكاتب : نجا حماده