قراءات سياسية فكرية استراتيجية

 

اخر الاخبار

إسرائيل جارة أم عدو !؟…

الفكرة السائدة عند البعض وتتجلى حالياً بوضوح أكثر، صورة جميلة ينعت بها إسرائيل، بتظهيرها دولة مسالمة لا تضمر لنا الشر، وممكن التعايش معها بسلام. أصحاب هذه الفكرة يجدون الأعذار التي يقنعون أنفسهم بها لإراحة ضمائرهم تجاه تخليهم عن واجباتهم الوطنية والأخلاقية والأنسانية. فنسمع منهم تبريرات عن دور الفلسطينيين في الحرب الأهلية، وعن تخليهم عن أرضهم. كما ونسمع منهم اتهامات تطال المجموعات المقاومة بتحميلها مسؤولية الحركشة وأي حادثة أو حرب محتملة …
لهذا البعض نقول، وبغض النظر عن القانون والدستور الذي يمنع التعامل مع العدو الإسرائيلي …
إن هذا الكيان لا يمكن أن يكون سوى عدواني، لأن وجوده من الأساس بني على نظرية السطو والأغتصاب والتهجير بما يحقق مصالحه. وما الهدوء النسبي، الذي يسود سياسته التوسعية حالياً، سوى نتيجة وجود قوى مقاومة صمدت بوجهه وألزمته هذا الحد من التوسع. هذا غير أنه ما زال يحاول قضم أراضٍ جديدة وفرض الأمر الواقع في الضفة الغربية …
أيضاً هذا الكيان بني على عقيدة أكثر من دينية أو طائفية. إنها ذات وجه ديني لكن جوهرها عنصري، نظامٌ شبيه بنظام جنوب أفريقيا قبل زوال التمييز العنصري. يبني هذا الكيان فكرة المواطنة على أساس يهودي، ويرفض بالتالي الحياة مع الأديان الأخرى أياً كانت. فاليهود يريدون الأرض دون البشر، ويقترفون كل يوم أبشع أنواع الجرائم الإنسانية، ويمارسون الضغوط على الفلسطينيين لتحقيق هذه الغاية، من مصادرة أراضٍ ومنع البناء وتهجير، وسلب كل الثروات المائية والنفطية، وفي المقابل بناء مستوطنات وأستقدام اليهود من أسقاع الأرض ووهبهم هذه الممتلكات والخيرات …
حسناً هذه طبيعة إسرائيل العدوانية، ولكن هناك من يقول لنا أن ذلك يحصل في فلسطين وهذه ليست مسؤوليتي؛ نحن البلد الصغير المنهك إقتصادياً لا نستطيع تحرير العالم من الظلم، بينما العرب يقيمون مع إسرائيل العلاقات من تحت الطاولة وعلى المكشوف… هذا صحيح لكن يجب أن نعلم أن أسرائيل كفت شرورها عنا نسبياً ليس لطيبتها أو لاقتناعها بتغيير عقيدتها، بل لأننا من خلال المقاومة نجحنا بفرض معادلة الردع، حيث تعلم ما يمكن أن يلحق بها من أذى في حال إعتدت علينا، وليس بداعي حسن جيرتها معنا وأحترام سيادتنا …
ولِمَن يسأل الى متى سنظل إذاً بهذا الصراع؟ الى متى سنظل بخبرية ضربني وبضربك؟ نقول، ان الأمر هذا لا يعتمد علينا، إنما يعتمد على مدى قبول اليهود بالعيش مع أهل الأرض الأصليين، وعلى إمكانية تغيير عقيدتهم وفكرهم التسلطي الأستبدادي العنصري. فالفلسطينيين والعرب، رغم كل الظلم، قبلوا بالعيش مع اليهود، وإن كان تحت شتى الضغوط، فتنازلوا عن قسم كبير من الحقوق. أما اليهود فاستغلوا ضعف هذه الخطوة التنازلية وزادوا تسلطاً واستبداداً وعهراً …
صحيح أن الصراع مع هذا العدو الأستعماري مضنٍ ومكلف. إنما هي تداعيات الصراع والدفاع عن الحقوق بأي ثمن. مَن مِنا لا يرغب بإنهاء الحرب والعيش بسلام؟! لكن قرار الأستسلام مُكلف أكثر، مادياً ومعنوياً وحقوقياً. فلا يمكن إظهار ضعفنا أمام هكذا عدو، لا يفهم سوى لغة القوة والبطش. فلا حياد تجاه هذا الظالم، ولا يمكن لصاحب ضمير أن يتغاضى عن المظلوم …
حافظوا على مقومات قوتكم، وإلا فستندمون عندما تحتاجونها ولا تجدونها …

الكاتب: الأستاذ فادي المر

اقرأ المزيد
آخر الأخبار