فوز دونالد ترامب لم يكن مجرد مفاجأة للحزب الديمقراطي أو لأنصاره، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، بل كان صدمة لفكر وخطط صنّاع السياسة الأمريكية ، مثل نعوم تشومسكي وهنري كيسنجر. هؤلاء الذين صاغوا أسس هذه السياسة بالتعاون مع مؤسسات بحثية عززت النفوذ الأمريكي عالميًا، مستخدمة شعارات الليبرالية، وحقوق الإنسان، والديمقراطية لتبرير التدخلات العميقة في شؤون الشعوب.
الإعلام لعب الدور الأبرز في ترسيخ هذه الأسطورة، حيث كانت هوليوود الواجهة التي أظهرت “العظمة الأمريكية” من خلال القوة والإبهار. شخصيات مثل “رامبو” و”سوبرمان” لم تكن مجرد أبطال خياليين، بل أدوات تسويقية لخلق شعور بالدونية لدى الشعوب الأخرى، وترسيخ فكرة التفوق الأمريكي المرتبط بالرفاهية الموعودة لكل من يخضع لهذا النفوذ.
ولا يمكن إغفال دور المصالح الصهيونية، التي كانت دائمًا البوصلة التي تُحرك السياسة الخارجية الأمريكية. هنري كيسنجر، أحد أبرز مهندسي هذه السياسة، يمثل جزءًا من تاريخ دموي أفرز حروبًا تسببت في خسائر جسيمة للشباب الأمريكي، الذين دفعوا حياتهم ثمنًا لمطامع قادتهم.
نتائج الانتخابات جاءت كعقاب طبيعي لهذه الأكاذيب والنفاق، خصوصًا في ظل الفساد الذي تفشى في مؤسسة الرئاسة والإعلام المُدجّن لخدمة الصهيونية، مع إهمال الطبقة العاملة الأمريكية، وهم غالبًا من البيض الذين يعانون من التهميش والفقر، رغم أنهم يمثلون العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي.
هذه الطبقة المهمّشة عبّرت عن رفضها للمثل الليبرالية الكاذبة عبر انتخاب ترامب، الذي كان خيارًا مفاجئًا وخارجًا عن كل التوقعات. ترامب تجاوز أهم ثلاث ركائز لطالما اعتمد عليها الحزبان للوصول إلى الرئاسة:
1. الاصوات اليهوديه التي شكّلت 72% من الدعم لخَصمته كامالا هاريس.
2. التجمعات الصناعيه الحربيه التي دعمتها أيضًا.
3. المؤسسات الإعلامية الكبرى مثل شبكة “سي إن إن”، التي قدّمتها للعالم كرئيسة مقبلة للولايات المتحدة
4. دور التويتر الذي خرج من دائرة التوجيه والضبط بدعم واسع لترامب. وعلى رأسها ايلون ماسك وكان لها الفضل الكبير في تحقيق الفوز.
فوز ترامب جاء كـ”تسونامي” هزّ أركان القوى التقليدية التي كانت تسيطر على المشهد السياسي لعقود، وجعلها تعيد حساباتها. هذه النتيجة لم تكن مجرد لحظة عابرة، بل تعبيرًا عن صحوة قوة سياسية كانت مغيّبة لعقود، وقرارات ترامب المستقبلية ستعتمد على هذا الزخم الشعبي الذي خرج من دوائر القوة التقليدية.
جدير بالذكر أن هذا التحول في أمريكا وأوروبا لم يكن مفاجئًا تمامًا؛ فقد تنبأ به المفكر الأمريكي فرانسيس فوكوياما في كتابه الشهير “نهاية التاريخ”.
ماجدة ابو شرار