قراءات سياسية فكرية استراتيجية

هل سنقلب صفحة الماضي أمام سنة جديدة ؟؟!! أم أن البداية كانت من سوريا فقط وعامٌ قادمٌ سيَحسُم ؟؟!!

يخطئ من يظن أن المسألة السورية تنفصل عن القضية الفلسطينية .. وأن الحق الفلسطيني ينفصل عن حق الشعوب والمجتمعات في تقرير مصيرها..
وأن ما يحصل في مشرقنا العربي هو قضايا متفرقة عن بعضها … لا علاقة لنا بها …
جميعنا اليوم يواجه وسيواجه حرباً مصيرية واحدة، لن تعفي أحداً مهما قدم القرابين والتنازلات، لتغيير هذا الشرق وإعادة رسمه على مقاس مصالح ومطامع البعض … لكن لم يتفق الجميع بعد … واصطفافات جديدة ستلوح من جديد … فالحرب الكبرى قادمة شئنا أم أبينا … وتشكيل عالم جديد سيبدأ من سوريا … فمن أين نبدأ نحن ؟؟!!

أما نحن، المجتمعات، فحربنا هي حرب وجود وصراعنا هو صراع مفاهيم .. وقوتنا هي في حجم وعينا اليوم … متجاوزين تفاصيل الماضي وآلامه ..
فهي فرصتنا جميعاً في مفصل تاريخي حاسم ..
فالكل مسؤول أمام التاريخ عن مستقبل كتب بدم أبنائنا وإخوتنا جميعاً …

الحرية لا تتجزأ
والحق لا يتجزأ
والإنسانية لا تتجزأ
وكرامة الإنسان لا تتجزأ

والطريق إلى دمشق يبدأ من القدس
وحريتنا تبدأ من مسؤليتنا أمام التاريخ
وبقاؤنا راسخ ما بقيت بوصلتنا فلسطين
فتنبهوا …

وهل نحن جاهزون للعبور ؟!

سقط “النظام” ولم تسقط منظومته فينا فشخصيته لازالت ساكنة في طريقة تفكيرنا ..
وتمزّق مشرقنا ولم تسقط الطائفية والإثنية والمناطقية في انتماءاتنا …

كيف نقلب صفحة والفكر الإقصائي لا زال حاضراً بيننا “فلن نسمح المجال لمن يختلف معنا بالفكر ”

كيف نقلب صفحة والفرز مازال يمارس علينا منّنا
فالتخوين يدار على صفحات التواصل
والتصنيف يضع معاييره بمن يتسابق على شتم النظام السابق بدل أن نجتمع على بناء الدولة
لننتقل من تطرف إلى تطرف ومن مع وضد إلى مع وضد آخرين …

كيف نقلب صفحة والثأر يتصدر المشهد
والتهديد يتوعد مجتمعنا المقهور …
كيف نقلب صفحة و التصفية أصبحت عنوان هذه المرحلة … فسكن الخوف فينا من جديد …

كيف نتحاور وفينا من يَقتل وبيننا من يُقتل
السوري يُقتل بيد السوري بدم بارد والمستفيد واحد … لا بل نسلم من دافع عن بقائنا البارحة كقربان سلامنا اليوم …
عار علينا أن ننسى تاريخاً دفعنا ثمنه غالياً ..وأربعة عشر عاماً من الحرب … لم نتعلم منها شيئاً

وهل نقلب الصفحة و هناك من يفرح في بلدي ولايزال أطفال غزة يقتلون بإجرام ووحشية بصمت
ونحن نعطي صكوك الغفران لجرائم ضد الإنسانية وضمانات لعشرات السنين ..

العام الفائت خجلت من نفسي لأن شعبنا السوري وشبابنا لم يخرج إلى الشارع وقوفاً مع أهل غزة الذين يقتلون بأبشع الطرق بينما العالم بأسره كان ينتفض وطلاب وأساتذة الجامعات تندد وتطالب من كل مكان …
أما اليوم فشعرت بالخجل أمام فرح المتظاهرين في الساحات من أجل الحرية من نظام سقط ولم أجد مظاهرة كرامة واحدة تندد بكل احتلال لأرضنا ووجودنا …
فحقوق الإنسان لا تتجزأ .. والحرية لا تتجزأ .. والمعايير المزدوجة غير مقبولة لدى الشعوب الحرة

والإنسانية لا تتجزأ
فكلنا متساوون بالإنسانية

والكرامة لا تتجزأ
فالكرامة لا تكون إلا إذا بقيت بوصلتنا فلسطين

فإذا سقطت فلسطين سقطت الشرعة الدولية
وسقط الحق وماتت الحرية …

ألم نتعلم من دروس التاريخ …

لنعلم الآخر ..
أنه من حقنا أن نختلف لكن من واجبنا أن نجتمع على وحدة وسيادة أرضنا
ان ننتمي إلى أرضنا وحضارتنا وثقافتنا ولا ننتمي إلى أشخاص أو كيانات أو طوائف ..
أن نجتمع على رسم مستقبلنا باحترام دون إقصاء الآخر

فلنعلم العالم
انه لا سلام بدون احترام السيادة
ولا شرعية بدون احترام الشعوب
ولا حرية بدون المساواة والعدالة
ولا دولة بدون قانون عادل للحقوق والواجبات
ولا كرامة للإنسانية إذا لم ترفع الصوت عالياً من أجل فلسطين
فأي صمت عن جريمة التاريخ سيكون عار علينا جميعاً وعار على الإنسانية

فهل لدينا القوة والجرأة لنجتمع معاً بكل الوعي لنقلب صفحات الذل والحقد ونرسم مستقبلاً مشرفاً لنا رافعاً لقيمنا وإرثنا .. ومجداً لتاريخنا … لنكون صانعي الحب والحق معاً …
فكلنا شركاء في صناعة التغيير وبناء المستقبل

عام مليء بالشجاعة
تحيا سوريا
ماريا سعادة

اقرأ المزيد
آخر الأخبار