قراءات سياسية فكرية استراتيجية

هل تتحول أوكرانيا الى مصدر للسلاح بالنسبة للجماعات الإرهابية؟

مع اندلاع الازمة الأوكرانية قبل اشهر عدة نتيجة محاولة الولايات المتحدة تحويلها الى قاعدة عسكرية ضد روسيا، والرد الروسي باطلاق عملية عسكرية في هذا البلد لنزع سلاح الجماعات الفاشية المسلحة وتحرير أراضي الدونباس الناطقة بالروسية، تدفق السلاح الغربي الى أوكرانيا لدعم حكومة الرئيس فلودومير زيلنسكي ضد الجيش الروسي.
ولأن الحكومة الأوكرانية لجأت إلى الاعتماد على الجماعات الفاشية والنازية، إضافة إلى تجنيدها مرتزقة من مختلف أنحاء العالم للقتال في ضفها، فإن هذا أثار مخاوف لدى الأطراف الغربية من ألا يبقى السلاح الغربي المتقدم المرسل إلى أوكرانيا محصورا في يد الجيش الاوكراني، وأن يتسرب الى هذه الجماعات التي لجأ بعضها لبيع هذا السلاح في السوق السوداء، ما يهدد بأن يصل هذا السلاح إلى جماعات إرهابية يمكن أن تستهدف مصالح غربية.
وتعبيرا عن هذه المخاوف فلقد كتب جون هادسون في الواشنطن بوست مقالا حول الموضوع بعنوان “تدفق السلاح إلى أوكرانيا يزيد من مخاوف تهريب الأسلحة.” ويقول هادسون أن بايدن الذي كان متوقعا أن يوقع على مساعدة عسكرية لأوكرانيا بقيمة 40 بليون دولار تتضمن صواريخ وأسلحة مدفعية وطائرات مسيرة، قدم ضمانات واهية حول قدرة العسكريين الأميركيين بمراقبة عملية انتقال هذه الأسلحة واستعمالها في أوكرانيا وضمان ألا تصل إلى طرف ثالث، خصوصا أن لأوكرانيا تاريخ طويل كمنطقة متاجرة بالسلاح خصوصا بعد انهيار الإتحاد السوفياتي في العام 1991.
ويفيد هادسون أن سوق السلاح في أوكرانيا تضخم كثيرا بعد الثورة الملونة التي ضربت البلاد في العام 2014 وأتت بحكم موال للغرب في أوكرانيا، وأن هنالك صعوبة في ضبط عملية انتقال السلاح الى أطراف تصنف على أنها إرهابية في الغرب، أو أن يصل هذا السلاح إلى يد أعداء وخصوم للولايات المتحدة. ويفيد الخبراء العسكريون بصعوبة ضبط عملية انتقال السلاح وذلك ردا على تأكيدات من قبل مصادر في وزارة الخارجية الأميركية أن الإدارة الأميركية شددت على ضرورة “تعليم” الأسلحة الممنوحة لكييف وطلبت من حكومة زيلنسكي التوقيع على تعهدات تمنعها من نقل الأسلحة إلى طرف ثالث. إلا أن سبل تحقيق ذلك تبقى ضعيفة خصوصا في ظل تاريخ الولايات المتحدة غير المشجع في هذا الشأن.
وكانت الولايات المتحدة زودت أوكرانيا بطائرات مروحية من طراز مي-17 سبق واشترتها من روسيا قبل عقد من الزمن، مخالفة بذلك عقدا وقعته مع روسيا بعدم نقل المعدات إلى طرف ثالث. وقد بررت وزارة الدفاع الأميركية هذه المخالفة بأنها لا تتعارض مع القوانين الأميركية.
ومن شأن تفعيل ميزانية الطوارئ لدعم المجهود العسكري الأوكراني أن يجعل من أوكررانيا أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأميركية. ومن ضمن الأسلحة سيكون هنالك 1،400 صاروخ ستينغر مضاد للطائرات، و5،500 صاروخ مضاد للدروع، و700 طائرة مسيرة من مختلف الأنواع، و50 مليون طلقة ذخيرة ولغم ومتفجرة وصواريخ مسيرة بالليزر.
ويخشى الخبراء بالتحديد من انتقال صواريخ ستينغر المحمولة على الكتف والمضادة للطائرات من أن تصل إلى أيد جماعات إرهابية يمكن أن تستخدمها ضد القوات الأميركية في ساحات قتال أخرى. والجدير ذكره أن دولا أخرى أعضاء في الناتو تقوم بنقل السلاح إلى أوكرانيا ما يزيد من مسألة ضبط هذا السلاح ومنع انتقاله الى طرف ثالث مسألة أكثر تعقيدا.

د. جمال واكيم
دكتور في الجامعة اللبنانية

اقرأ المزيد
آخر الأخبار